، ثم قال :
( أيها الناس، اتقوا الله
في النساء، اتقوا الله في النساء، اوصيكم بالنساء
خيرا )
ثم قال :( أيها الناس إن عبدا خيره الله بين
الدنيا وبين ما عند الله ، فاختار ما
عند الله )
فلم يفهم أحد قصده من هذه الجمله ، وكان يقصد نفسه ، سيدنا أبوبكر هو
الوحيد الذي فهم هذه الجمله ، فانفجر
بالبكاء وعلا نحيبه ، ووقف وقاطع النبي صلى الله عليه وسلم وقال :
فديناك بآبائنا ، فديناك بأمهاتنا ،
فديناء بأولادنا ، فديناك بأزواجنا ،
فديناك بأموالنا ، وظل يرددها
....
فنظر الناس إلي أبو بكر
، كيف يقاطع النبي صلى الله عليه وسلم .. فأخذ
النبي
صلى الله عليه وسلم
يدافع
عن أبو بكر قائلا
:(
أيها الناس ، دعوا أبوبكر ، فما منكم من أحد كان له عندنا من
فضل إلا كافأناه به ، إلا أبوبكر لم أستطع
مكافأته ، فتركت مكافأته إلي الله عز وجل ،
كل الأبواب إلى المسجد تسد إلا باب أبوبكر لا يسد أبدا )
وأخيرا قبل
نزوله من المنبر .. بدأ الرسول بالدعاء للمسلمين قبل الوفاه كآخر دعوات
لهم ، فقال
:
( آواكم
الله ، حفظكم الله ، نصركم الله ، ثبتكم الله
، أيدكم الله )
.. وآخر كلمه
قالها ، آخر كلمه موجهه للأمه من علي منبره قبل نزوله
، قال :
( أيها الناس ، أقرأوا مني السلام كل من تبعني من أمتي إلي يوم القيامه )
.
وحمل مرة أخرى إلى بيته. وهو هناك دخل
عليه عبد الرحمن بن أبي بكر وفي
يده سواك، فظل النبي ينظر الي السواك ولكنه لم يستطيع ان يطلبه من شدة مرضه. ففهمت عائشه
من نظرة النبي، فأخذت السواك من عبد
الرحمن ووضعته في فم النبي، فلم يستطع أن يستاك به، فأخذته من النبي وجعلت تلينه بفمها وردته للنبي صلى الله عليه وسلم
مره
أخرى حتى يكون طريا عليه فقالت
: كان آخر شئ دخل جوف النبي صلى
الله عليه وسلم هو ريقي ،
فكان من فضل الله علي أن جمع بين ريقي وريق النبي
قبل أن يموت ...
تقول عائشه
: ثم دخلت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما دخلت بكت ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستطع
القيام ، لأنه كان يقبلها بين عينيها كلما جاءت
إليه .. فقال النبي صلى الله
عليه وسلم :
( ادنو مني يا فاطمه )
فحدثها
النبي صلى الله عليه وسلم في أذنها ، فبكت أكثر
. فلما بكت قال لها النبي صلى الله
عليه وسلم:( أدنو مني يا فاطمه ) فحدثها
مره أخري في
اذنها ، فضحكت ..... ( بعد
وفاته سئلت ماذا قال لك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت
: قال لي في المرة الأولى :( يا فاطمه ، إني ميت الليلة ) فبكيت ، فلما وجدني أبكي
قال :( يا فاطمه ، أنت أول أهلي لحاقا
بي )
فضحكت .
تقول عائشه
: ثم قال النبي :( أخرجوا من عندي في البيت ) وقال :
( ادنو مني يا عائشه )
فنام النبي صلى الله عليه وسلم علي صدر زوجته
، ويرفع يده للسماء ويقول :
( بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلي ) .. تقول عائشه:
فعرفت أنه يخير.
دخل سيدنا جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال
: يارسول الله ، ملك
الموت بالباب ، يستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن علي أحد من قبلك فقال النبي :( ائذن له يا جبريل )
فدخل ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم وقال : السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك ، بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله فقال النبي :
(
بل
الرفيق الأعلى
، بل الرفيق الأعلى )
ووقف ملك الموت عند رأس النبي وقال : أيتها الروح الطيبه ، روح محمد بن عبد الله ، أخرجي إلي رضا من الله
و رضوان ورب راض غير غضبان .....
تقول عائشة:
فسقطت يد النبي صلى الله عليه وسلم وثقل
رأسه في صدري
، فعرفت أنه قد مات ... فلم أدري ما أفعل ، فما كان مني غير أن
خرجت من حجرتي
وفتحت بابي الذي يطل على الرجال في المسجد وأقول مات رسول الله ، مات رسول الله .
تقول: فانفجر المسجد بالبكاء.
فهذا علي بن أبي طالب أقعد، وهذا عثمان بن
عفان كالصبي يأخذ بيده يمنى ويسرى
وهذا عمر بن الخطاب يرفع سيفه ويقول من قال أنه قد مات قطعت رأسه، إنه ذهب للقاء
ربه كما ذهب موسي للقاء ربه وسيعود
ويقتل من قال أنه قد مات. أما أثبت
الناس فكان أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل على النبي واحتضنه وقال :
وااا خليلاه ، واااصفياه ، وااا
حبيباه ، وااا نبياه . وقبل النبي وقال: طبت حيا
وطبت
ميتا يا رسول الله.
ثم خرج يقول
: من كان يعبد محمد فإن محمدا قد مات
، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ... ويسقط
السيف من يد عمر بن الخطاب، يقول: فعرفت أنه قد
مات... ويقول:
فخرجت أجري أبحث عن مكان أجلس فيه وحدي
لأبكي وحدي....
ودفن النبي صلى الله عليه وسلم و فاطمه
تقول
: أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على وجه النبي ... ووقفت تنعي النبي وتقول:
يا أبتاه
، أجاب ربا دعاه ، يا أبتاه ، جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه ، الى جبريل ننعاه
.
ترى، هل ستترك حياتك كما
هي بعد وصايا رسول الله صلى الله
عليه وسلم لك في آخر كلمات له ؟؟
لا أدري ماذا ستفعل كي تصبر على ابتلاءات الدنيا..
قال صلى الله عليه و سلم(
بلغوا عني و لو اية)
لا تنسونا من صالح دعائكم